mercredi 1 août 2007

الوطن : العدد 256


العدد 256
على هامش متابعة أسبوعية «الوطن الآن»:من الذي يهدد أمن وسلامة هذا الوطن..؟
الواقع أنه إذا كان «السؤال» هو جوهر الفلسفة فهو أيضا صميم مهنة الصحافة، فالصحافة في الغرب تتجه في معظمها إلى ما يسمونه مدرسة «الصحافة السائلة»
Investigative journalisme، لكن في المغرب وبعد هذه المحنة التي حلت بهذه الأسبوعية وبغيرها من الجرائد سابقا، يبدو أن هناك في هذا الوطن من يريد للزمن أن يعود إلى الوراء، لصحافة الواجهة وسياسة كل شيء على ما يرام. فالظاهر أن جرعات الحرية التي أصبحنا نتذوقها مؤخرا والتي صدقنا أنها أصبحت تقليدا ثابتا وجزءا من مناخ سياسي منفتح يسير ببطء جنبا إلى جنب مع مكونات هذا الوطن قد زادت عن حدها، لذا كان على المخزن أن يتدخل لكي لا نصدق أنفسنا ونحلم بصحافة أمريكية أو فرنسية أو غيرها من الإعلام الرائد في البلدان التي تحولت الديموقراطية فيها إلى مؤسسات راسخة وإلى بنيان يصعب هدمه أيا كان الموجود في هرم السلطة. أما في المغرب فالظاهر أن ديموقراطيتنا ديموقراطية مزاج لا ديموقراطية مؤسسات تتوقف على أمزجة مسؤولينا ومدى فهمهم أو جهلهم لدور الصحافة الحرة ومساهمتها في تعبيد الطريق نحو الديمقراطية... لذا كان على الصحافة الحرة والمستقلة عندنا أن تتوقف عند بعض الخطوط الحمراء وأن تفكر ألف مرة قبل أن تنبش في خبايا مؤسسات طالما أصابتنا كمغاربة بالرهبة بالخوف حتى خلناها مقدسة وابتعدنا عنها. فمن منا لا يحمل في نفسه وصية حفظناها أكثر من أسماءنا ثلاثة يجب الإبتعاد عنهم المخزن، النار، البحر...؟ إنها لازمة كل المغاربة حتى أننا صدرناها من فرط خوفنا منها، لذا لم أفاجئ في أحد الأيام وأنا طالب دراسات عليا في مصر بأحد الأساتذة المعروفين والذي سبق له أن درس في العديد من جامعات المغرب عندما أحرجه سؤالي عن رأيه في إعادة انتخاب الرئيس مبارك باستفتاء شعبي، يرد علي بسؤال آخر هو أنه كيف أني كمغربي أتجرأ بطرح هذا السؤال في حين أن المغاربة يخافون حد الموت من ثلاثة واستفاض في شرح هذه الثلاثية للحضور ومدى تأثيرها علينا كشعب مما أثار ضحك واستهزاء البعض.
الصحافة والروتوشات
.. فهل تجاوزنا إلى الآن هذه العقدة أم أن هناك من يريد لنا أن نظل خانعين خصوصا عندما يتعلق الأمر بالصحافي وصميم مهنته التي تفرض عليه البحث عن الخبر بكل الوسائل وتقديم الحقائق إلى الناس دون رتوشات، فهل أخطأ صحفيو جريدة «الوطن الآن» حين نشروا رسالة سرية موجهة إلى الحاميات العسكرية بخصوص موضوع الإرهاب، أم أن الأمر يتعلق برسالة كان لا بد من إيصالها إلى من يهمه الأمر... لن أدخل في مناقشة قانونية هذا الاعتقال، ولا في النصوص التي تم اعتمادها لتكييف المتابعة، سنترك المسألة للقضاء، وسنناقش من الذي يهدد فعلا أمن وسلامة هذا الوطن هل الصحافي الذي يجري وراء الخبر الذي يعري الوقائع ويفضح ممارسات بعض المسؤولين؟ أم أن من يهدد أمن هذا البلد هم أولئك الذين خلقوا كل هذه الظروف المواتية ليعشش الإرهاب في أوصال هذا الوطن... إن من يسرق المال العام يهدد سلامة هذا الوطن وتماسكه لأنه يتعامل مع هذا الوطن كضيعة شخصية لا كدولة لمالها العام قدسية يجب احترامها لأنها ملك للجميع. إن من يستعمل الأموال المشبوهة للوصول إلى المجالس النيابية يهدد أيضا أمن هذا البلد لأننا في النهاية سنكون أمام مؤسسات تشريعية فارغة من أي محتوى، مؤسسات لا تمثل إلا من يوجدون فوق كراسيها... إن رجل الأمن والدركي اللذين يبتزان المواطنين من أجل دفع آتاوات خارجة عن نطاق القانون يهددون سلامة هذا الوطن لأنهم يخلقون أمنا مدفوع الأجر مسبقا أمنا أعوجا غير قادر على حماية الوطن... إن القاضي المرتشي وغير المستقل أيا كان موقعه يهدد أمن هذا الوطن لأنه يقدم عدالة مفصلة على المقاس وحين يختل ميزان العدالة التي هي ملجأ كل مظلوم أو تصبح هذه العدالة مسخرة لأغراض سياسية فعندئذ يفقد المواطنون الثقة في البلد الذي ينتمون إليه والذي من المفروض أن تحميهم عدالته لا أن تكون سيفا مسلطا على رقابهم. فالقاضي أيا كان يجب أن يكون شجاعا قبل أن يكون عادلا وأن ينتصر للقانون وللحق بعيدا عن أية مساومات أو ضغوطات أيا كان مصدرها، فهل يملك قضاتنا الذين لا نشكك في نزاهتهم كل هذه الشجاعة لكي لا يستمعوا لرنات الهواتف التي تسبق بعض الأحكام خصوصا التي تكتسي طابعا سياسيا وان ينتصروا دائما لصوت الحق والقانون ، أسئلة نطرحها للنقاش لإيماننا العميق بدور القضاء النزيه والمستقل في أي مجتمع ينشد فعلا الأمن والأمان لمواطنيه.
صمام الأمان
إن من يسكت عن تفويت أملاك الدولة لمسؤولين سامين دون مساءلة المفوِّت أو المفوَّت له يرتكب جريمة في حق الوطن لأنه يجعلنا نتأكد أن هذا الوطن ليس دائما للجميع إنه للبعض فقط...
إن من يصوتون لفائدة مرشحين يحملون بالكاد شواهد إبتدائية يتهجون بها الحروف كطفل مبتدئ يرتكبون أكبر جريمة في حق هذا الوطن لأنهم أوصلوا إلى هرم هذه المجالس عقولا فارغة إلا من مصلحتها... إن من زرع اليأس من هذا الوطن في عقول شبابه وجعلهم ينتحرون حرقا أو غرقا يهددون أمن هذا الوطن لأنهم أخلوا بمبدأ تكافؤ الفرص وبحق دستوري يتمثل في شغل يحفظ لهؤلاء الشباب كرامتهم بدل أن يرتموا في أحضان الإرهاب وينقلبوا على هذا الوطن أو يضيقوا به ويرحلون نحو المجهول...
....الذين يهددون أمن وسلامة هذا الوطن كثيرون يوجدون في جل المؤسسات الحساسة، ليس تسريب وثيقة هو المشكل، لكن الإشكال في كل هؤلاء الذين لا تهمهم مصلحة هذا البلد لذا يتعاملون معه بعقلية أنا ومن بعدي الطوفان... إن الصحافي الذي يتاجر بقلمه، بفكره، وبضميره يهدد أيضا سلامة هذا الوطن، أما أولئك الذين يضحون في صمت ويكابدون في صبر من أجل هذا الوطن فحتما لا يهددوه إنهم صمام أمان للمستقبل، والصحافي الحر الذي يحمل هموم هذا الوطن في قلمه ليس إرهابيا وليس أيضا نبيا. إنه في النهاية إنسان يحارب الفساد والظلم بالكلمة قد يخطئ أحيانا ويصيب أحيانا كثيرة. لكنه في النهاية يستحق منا كل الإحترام والتقدير وليس الإعتقال والزج في السجون.
ذ.عبد الرحيم بن بوعيدة
أستاذ جامعي

تضامنا مع هيأة تحرير «الوطن الآن»:الحاجة إلى قانون يضمن حق الوصول إلى المعلومات

ينطلق هذا القانون النموذجي من المادة 19 التي تتكرر بنفس الرقم في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تنص في الصك الأول على أنه «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما تقيد بالحدود الجغرافية.»
قانون نموذجي
وهو يتكون في ترجمته العربية التي تحمل عنوان «قانون نموذجي، حول حرية الإطلاع على المعلومات» من ديباجة قصيرة جدا، واثنين وخمسين (25) مادة، تتوزعها تسعة أقسام. وفيما تخبر الديباجة بأن القانون إياه يتضمن ترويج كشف المعلومات في سبيل المصلحة العامة لضمان حق كل شخص في الحصول على المعلومات وتأمين آليات فعالة لضمان هذا الحق، يختص القسم الأول منه في تفسير المفردات/المفاتيح التي تتخلل متنه (المفوض، موظف المعلومات، موظف، وزير، هيئة خاصة، هيئة عامة، النشر، معلومات خاصة، وثيقة) ، وفي إعلان أهداف القانون المتمثلة في:
أ - توفير حق الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة، تبعا للمبادئ التي تنص على وجوب توفير مثل هذه المعلومات لعامة الناس، حيث لا يؤخذ بالاستثناءات إلا بصورة حصرية ومحددة، إذ تخضع هذه الاستثناءات لإعادة نظر مستقلة عن الحكومة .
ب - توفير حق الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات الخاصة، و هو الأمر الضروري لممارسة أي حق أو حمايته، حيث تكون الاستثناءات محددة حصريا.
أما القسم الثاني من القانون، فبعد أن يؤكد على حق أي شخص في حرية الاطلاع على المعلومات والوصول إليها، بناء على طلب خطي نموذجي (أو شفهي بالنسبة للعاجز عن الكتابة) يعبئه أو يتقدم به لهذه الغاية إلى الهيئة (العامة أو الخاصة) المعنية التي على موظفها أن يدون الطلب ويعطي نسخة منه إلى المتقدم به، ينص على أن تنظر الهيئة إذا ما كانت المعلومات المطلوبة توجد في حوزتها وأن تسلمها في حالة الإيجاب داخل عشرين يوما وفي غضون ثماني وأربعين ساعة إذا كانت تلك المعلومات ضرورية لحماية حياة شخص أو حريته، و ذلك بصرف النظر عن شكل وثيقة المعلومات إياها أو مصدرها أو تاريخ إنشائها أو حالتها القانونية، و سواء كانت صادرة عن الهيئة التي تحتفظ بها أم لا أو كانت سرية أم لا، وعلى أساس احترام الطريقة التي يفضلها صاحب الطلب في إبلاغه المعلومات المعنية (نسخة أصلية، فرصة لمعاينة الوثيقة، فرصة لنسخها بالتجهيزات التي يملكها الشخص، نسخة طبق الأصل عن مضمون الوثيقة المكتوب أو المسموع أو البصري أو هما معا، نسخة طبق الأصل مختزلة.) كما عليها أن ترد في حالة رفضها للطلب بإشعار يبين الأسباب المناسبة لذلك الرفض، مع ضمان حق الاستئناف لمقدم الطلب.
وفي حين يوجب القسم الثالث على الهيئة أن تتخذ عدة تدابير، منها تصنيف دليل سهل للمعلومات المتوفرة لديها وتعيين مفوض، فإن مواد من القسم الرابع تلزم بأن يتمتع هذا المفوض بالاستقلالية وبكامل السلطة والحصانة وبراتب يوازي أجر قاضي في أعلى المحاكم في البلد، وكذا تعيين موظف للاستعلامات يكون مدربا يتحمل مسؤولية صيانة الوثائق وحفظها وترتيبها، والعمل كوسيط بين الهيئة وطالبي المعلومات، وتسلم الشكاوي منهم حين يحدث إشكال في تأدية الهيئة واجبها المتعلق بكشف المعلومات، وإن مواد أخرى منه تلح على أسبقية المصلحة العامة، وعلى مبدإ علنية المعلومات، وذلك قبل أن تحرص على تحديد الاستثناءات في أربعة رئيسية هي: الأمن الوطني، الحياة الشخصية، بعض جوانب السياسة الخارجية، وبعض المعلومات المتعلقة بالمصلحة الاقتصادية العليا للدولة، مع التنصيص على وجوب أن تكون هذه الاستثناءات واضحة وأن تكون المعلومات والوثائق الرسمية المشمولة فيها، أي المنعوتة بالسرية، محددة في القانون ذاته.
حرية استيقاء المعلومات
وحتى لا يكون الغرض هو الاقتصار فقط على التأثير المعنوي دون أية آلية لتنفيذ القرارات، فإن هذا القانون النموذجي يخصص مادتي قسمه الثامن للمسؤولية الجنائية والمدنية، حيث يحصن، من جهة، أي شخص من الملاحقة القضائية أو المدنية أو التأديبية حال ممارسته لسلطته المخولة له بموجب هذا القانون ما دام كشفه للمعلومات يتم بحسن نية، ويجرم جزائيا، من جهة أخرى، كل من تعمد الاعتراض على الحصول على أية وثيقة، أو تدخل في أعمال المفوض، أو أتلف بواسطة سلطة غير مشروعة وثائق ذات صلة، و ذلك بتغريمه و/أو بسجنه مدة أقصاها سنتان، بناء على حكم قضائي عاجل. و هو الأمر الذي يكون فيه على جميع المحاكم إتباع أي تفسير منطقي للنص يعطي أفضل تطبيق لحق الإطلاع على المعلومات.
وهكذا، أليس من حق شعبنا كباقي الشعوب المتحضرة أن ينعم هو الآخر بحريتي استيقاء المعلومات والحصول عليها دون شرط، وذلك متى شاء، ولأية أغراض لا تمس بالديمقراطية الحقة أو تضر بالمصالح الفعلية العليا للوطن؟ أليس من مسؤولية الوزير الأول، بناء على ما يخوله الدستور الحالي من صلاحيات تشريعية، أن يتقدم بمشروع قانون في هذا الصدد؟ وكذلك، أليس من مسؤولية أي من برلمانيينا أو فرقنا البرلمانية أن يبادر إلى اقتراح تشريع ذي صلة يقر بأن القانون هو فوق الجميع، و يمهد لاكتساب الدولة ما تفتقده لدى الناس في الداخل كما في الخارج من ثقة في أجهزتها وفي آليات اشتغالها ومن هيبة غير تسلطية، و يحد من إصرار قوى الظلام والفساد على الربط بين الشفافية ومعاداة المؤسسات الدستورية؟ ثم أليس من واجب نخبنا الداعية إلى الحداثة بشكل فردي أو بتنسيق مع مكونات مجتمعنا المدني، مهما كانت أهداف ولاية هذه المكونات، إعطاء الموضوع ما يستحقه من أولوية وما يلزم من التعاون والوقت والجهد والحملات التثقيفية والإعلامية من أجل إقناع مختلف السلطات بأن الشفافية والمحاسبة والمساءلة هي حق للمواطنين، وأن تقنينها و إعمالها لا يؤذيان إلا الأفراد الذين يستغلون المراكز الرسمية أو غيرها لمصالح أخرى غير المصلحة العامة؟
وأخيرا، هل سيلجأ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وخاصة بعد ما أخبرته لجنته الوظيفية التي تم تنصيبها تحت اسم «هيئة الإنصاف و المصالحة»، عبر تقريرها الختامي، بجملة العوائق التي قامت أمام استيفائها للمعلومات من مصادرها الرسمية، إلى رفع توصية إلى الملك من أجل نص تشريعي يؤكد أن الوثائق الرسمية هي ملك للشعب تحوزها الحكومة وتحفظها نيابة عنه، ويسمح للناس بتفحص أعمال الحكومة وباقي أجهزة الدولة، بما فيها القضاء، بالدقة الكافية؟ وبموازاة مع ذلك، هل سيبادر هذا المجلس أو أية مؤسسة ذات صلة إلى رفع توصية أخرى تهم فسخ الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية باعتباره يلزم كافة الموظفين، عدا الوزير، بالحفاظ على السر المهني خلال أدائهم لمهامهم المهنية ويعاقبهم في حالة كل إخلال بهذه السرية.
المصطفى صوليج
كاتب باحث ومؤطر في مجال التربية على حقوق الإنسان والمواطنة

Aucun commentaire: