jeudi 9 août 2007

المساء : الرأي الآخـــر: دفاعا عن حرية التعبير


07/08/2007
حرية التعبير مهددة اليوم في المغرب أكثر من أي وقت مضى. فالزميل مصطفى حرمة الله مايزال يقبع وراء القضبان منذ 22 يوما بسبب تهمة غريبة عجيبة تتعلق بنشر وثيقة تافهة عبارة عن برقية «تلكس» كان يمكن أن يعثرعليها أي مساعد خدمة «شاوش» مرمية في سلة مهملات رئيسه. وزميله عبد الرحيم أريري مهدد في كل لحظة بالعودة إلى السجن متى صدرت الأوامر إلى القاضي بذلك، والزميل أحمد بنشمسي استدعي أول أمس إلى مقر الشرطة القضائية وحتى كتابة هذه السطور مازال الاستماع إليه متواصلا طيلة ليلة السبت ومنذ صباح أمس الباكر . وقبل ذلك صدر قرار من الوزير الأول بحجز مجلة «نيشان» من الأسواق وقرار مماثل من وزارة الداخلية بمصادرة مجلة «تيل كيل» التي كانت قيد الطبع. وحسب بياني الوزارة الأولى ووزارة الداخلية فإن بنشمسي قد يواجه أكثر من تهمة، ابتداء من الإخلال بالاحترام الواجب للملك إلى الإساءة إلى شخص الرسول ونشر أشياء منافية للأخلاق العامة.. والتكييف هنا لبياني الوزارة الأولى ووزارة الداخلية، أما القضاء فلا أحد يسأل عنه، لأن السادة القضاة المحترمين تحولوا إلى مجرد موظفين يؤدون أدوار الكومبارس في تمثيليات سمجة تسمى محاكمات، لا يملكون حتى حق معرفة متى تبدأ ومتى تنتهي، أما القرار الذي يسمى حكما فهو بيد المخرج الذي يقبع في مكان ما خلف الأضواء.وخارج التكييف الرسمي للتهم التي تواجه الزملاء في «الوطن الآن» و«نيشان» و«تيل كيل»، فإن التهمة الحقيقية التي يحاكم من أجلها مصطفى حرمة الله وعبد الرحيم أريري، ويتابع بسببها أحمد رضى بنشمسي واضحة ولا تحتاج إلى كل الركاكة اللغوية التي تحرر بها النيابة العامة محاضرها، مثل القول في تكييف تهمة أريري وحرمة الله بـ«حيازة أشياء متحصل عليها من خلال جريمة»، والمقصود هنا إذا كنت قد فهمت، أن الزميلين مجرمان أو مشاركان في جريمة اسمها السرقة، فمتى كان سعي الصحافة للحصول على المعلومة وعلى مصادر الخبر جريمة؟إن تهمة الزملاء سواء في «الوطن الآن» أو «نيشان» و«تيل كيل» تتلخص في شيء واحد: هو طريقة ممارستهم لمهنة الصحافة، وبقول أهل المهنة فإن المشكل يكمن في خط التحرير، فالسلطة أصبحت تضيق ذرعا بالصحافة التي توصف بالمستقلة، لأنها تعطي لنفسها الحق في ممارسة مهنة المتاعب بدون قيود ولا رقابة. ومحاكمة خط تحرير الصحافة المستقلة يستهدف في العمق حرية الصحافة وأبعد من ذلك حرية التعبير التي تعتبر الحجر الأساس في كل بناء ديمقراطي. فما قام به أريري وحرمة الله هو نشر وثائق سرية تلهث كبريات وسائل الإعلام لشرائها من أجل إعطاء مصداقية لأخبارها. وفي العمق فإن مثل هذا العمل الصحفي الذي يعتمد على التقصي يسعى للقيام بأسمى وأنبل دور مناط بمهنة المتاعب ألا وهو تمكين المواطن من حقه في الإعلام الذي تحميه وتضمنه المواثيق والمعاهدات الدولية. أما الزميل أحمد رضى بنشمسي فذنبه أنه مارس حقه كمواطن قبل أن يكون صحفيا في إبداء رأيه في الخطاب الملكي، تماما مثلما يفعل جميع زعماء الأحزاب هذه الأيام على شاشة التلفزة، مع فارق كبير هو أن بنشمسي لم يثمن ماجاء في الخطاب الملكي من «تعليمات مولوية..وتوجيهات سامية..» كما يكرر ذلك زعماء الأحزاب مثل ببغاوات. ومن يعيد قراءة الخطاب الملكي ستصدمه بالفعل عباراته، وما عبر عنه بنشمسي هو المسكوت عنه الذي لم تعد الطبقة السياسية قادرة على التعبير عنه، لكل اعتباراته وظروفه.. كان الله في عون الجميع.فما معنى أن يقول رئيس الدولة في خطاب ملكي رسمي موجه إلى الأمة بأنه سيكون في مقدمة المتصدين لكل المشككين في الانتخابات وفي الأحزاب. رئيس الدولة يقول في نفس الخطاب بأن سلطته لا تختزل في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية منفصلة أو مجتمعة، أي أنها أكبر من كل هذه السلط وفوقها. أين إذن دور القضاء داخل هذه «الديمقراطية الجديدة»،أما بخصوص من يقاطع الانتخابات ولا يثق في الأحزاب، وما أكثرهم؟! ففي آخر انتخابات شهدها المغرب لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 52 في المائة، أي نحو 7 ملايين ناخب، وإذا افترضنا - بما أن النتائج الرسمية لتلك الانتخابات لم تنشر حتى اليوم - وجود مليون أو مليوني صوت ملغى سواء بسبب الجهل بعملية الاقتراع أو للتعبير عن موقف، فإن عدد العدميين في مملكة محمد السادس قد يناهز 25 مليون عدمي ممن لا يؤمنون بالانتخابات ولا يصدقون الأحزاب، فهل حقا كل هؤلاء عدميون؟ ! العدمية في نظري تكمن في تنظيم انتخابات بلا طعم ولا رائحة ديمقراطية، انتخابات تعيد تكريس نفس الخيارات التي أفقرت الوطن وأنهكت الشعب طيلة أربعة عقود ونيف، وتعيد إنتاج مؤسسات صورية.لقد حمل الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش إشارات واضحة تؤسس لنوع جديد من الحكم الفردي الذي يستند إلى الشرعية الملكية. ومن يقرأ بيان مجلس الحكومة وتعليقات «زعماء» الأحزاب على ما جاء فيه سيزداد قناعة بلا جدوى الانتخابات المقبلة، وسيفقد كل أمل في الأحزاب التي يتنافس زعماؤها اليوم في تدبيج العبارات التي تثمن وتشيد بمضامين خطاب يؤسس لتحول في مسار البلاد لا أحد يعرف نتائجه، أو يقدر انعكاساته !يجب ألا ننسى أن نظام الملك الراحل الحسن الثاني بدأ بالوعد بالحرية والديمقراطية، وشهدت البلاد في بدايته منح أول دستور للشعب وانتخاب أكثر البرلمانات ديمقراطية في عهد المغرب المستقل، لكن شهر العسل لم يدم سوى سنوات معدودة لتبدأ حقبة طويلة من حكم فردي استبدادي قاس لا يتذكر منه الشعب اليوم سوى معتقلات السوء من تازمامارت إلى دار المقري ودرب مولاي الشريف وقلعة مكونة وأكدز.. والمقابر الجماعية بالدار البيضاء وفاس والانتفاضات المقموعة على امتداد خارطة الوطن من جبال الريف حتى تخوم الصحراء..نعم لقد حدث هذا طيلة 38 سنة من الحكم الفردي رغم أنه كانت توجد في البلاد معارضة قوية وصلبة واجهت حكم الاستبداد الملكي بشجاعة وقدمت من أجل ذلك الشهداء والضحايا، أما اليوم فإن الطريق مفروشة بالورود أمام كل حكم استبدادي فردي في ظل غياب معارضة قادرة على قول «لا» للملك.. ومن هنا هذه الهجمة المسعورة اليوم على الصحافة المستقلة لإخراس صوتها حتى تستمر المهزلة.إن السكوت بالأمس القريب على نفي علي لمرابط وبوبكر الجامعي هو الذي يشجع السلطة اليوم على الهجوم على المنابر الإعلامية المستقلة لتدجينها أو إخماد أصواتها الواحد تلو الآخر. والصمت اليوم عن الدفاع عن حرية الصحافة المستقلة مشاركة في جريمة قتل حرية التعبير، وهي الجريمة التي سيؤدي الجميع ثمنها غاليا لكن بعد فوات الأوان.. علي أنوزلا

Aucun commentaire: