samedi 11 août 2007

الرأي الآخـــر: لعنة دار الليوطي

10/10/2007
ظلت النخبة السياسية طيلة ليلة أمس تضرب أخماسا في أسداس، وتتساءل عن خلفيات إعفاء الملك محمد السادس ليده اليمنى فؤاد عالي الهمة من وزارة الداخلية، وقد ازداد التشويق مع تعليل الاستقالة بكون السيد الهمة سيتفرغ للإعداد للانتخابات التشريعية القادمة في دائرة بن جرير...انقسمت التأويلات إلى ثلاثة اتجاهات، بين قائل إنه خروج من غير عودة من وزارة الداخلية مفتاح السلطة في المغرب، ودليل هؤلاء تراكم الأخطاء التي اقترفها فؤاد عالي الهمة الذي تحول في عيون الرأي العام إلى نموذج مصغر لإدريس البصري.. والصورة على ما فيها من جدل غير بعيدة عن حقيقة تحول الهمة إلى رجل المملكة القوي بعد الملك محمد السادس.أما الفرضية الثانية، فتقول إن خروج الهمة من وزارة الداخلية جاء من أجل العودة إلى مناصب أخرى بعباءة حزبية تنهي صفة التكنوقراطية التي لازمت الهمة، وجعلت من الحياة السياسية استمرارا للطابع القديم للحسن الثاني، حيث الأحزاب لا تلعب سوى دور الواجهة، في حين يتحكم المقربون من القصر في دواليب السياسة. هذا التصور على ما فيه من خيال سياسي متواضع، لا يعرف أحد كيف سيتحول الهمة من رجل قصر إلى سياسي يحمل لونا حزبيا قبل 30 يوما من الانتخابات..الفرضية الثالثة تقول إن الملك أقدم على وضع نقطة نهاية لمنصب «الرجل الثاني» في المملكة، وأن إزاحة الهمة من مبنى الليوطي جاء كرسالة تفيد بأن المنصب لا الشخص هو الذي يجب أن يزول، وأن الهمة سيعود إلى المربع الذهبي بعد رحلة قصيرة خارج وزارة الداخلية، شأنه شأن من سبقه إلى إثارة غضب الملك.إن تضارب الآراء والتأويلات حول زوال الهمة... هي إحدى خصائص «قرارات المخزن» الذي لا يعلل تصرفاته، وترك المجال واسعا للخيال.. لكن هذا موضوع آخر. مبادرة الملك لإخراج الهمة من قصر الليوطي وسط الرباط، جاءت بعد 8 سنوات من تولي الهمة إدارة دفة الداخلية بكل الثقل الذي تشكله في الحياة السياسية والحزبية والاقتصادية والدبلوماسية والأمنية المغربية، والمدة التي باشر فيها المهمة مسؤوليات كبيرة في الداخلية تعادل ثلث المدة التي جلس فيها إدريس البصري في نفس المنصب، مع استحضار أن زمن الحسن الثاني ليس هو زمن محمد السادس. مدة ثماني سنوات في منصب يعد قلب السلطة في المغرب، كان طبيعيا أن يخلق من الهمة رجلا قويا في المملكة، وهي الصورة التي كان الملك يحاول الهرب منها لأنها تذكره بإدريس البصري، وتذكره بحقبة في حكم والده. هذا إذا ما استحضرنا كون الهمة زميل دراسة الملك، وواحدا من المقربين إليه، فإن نفوذ الشخص أصبح يتجاوز ما هو معلن من اختصاصات. لقد حاول الرجل – للإنصاف – أن يتجنب كثرة الظهور حتى لا يعطي الانطباع بتشابهه مع إدريس البصري، وحاول أن يرتدي قفازات من حرير لمباشرة تعدد السلط بين يديه، كما حاول أن ينفذ التعليمات في حدود دون تجاوز ولا اجتهاد.. لكن المنصب كان أكبر من كل عمليات ترويضه، وأن السلطة، إذا لم تكن هناك سلطة مضادة أمامها، فإن عقالها ينفلت وتصبح غولا يلتهم جميع من يعترضه.لقد اجتهد الهمة ليقدم صورة «رجل تقدمي» وسط بعض رجالات العهد القديم الرجعيين. انفتح على حقوقيي اليسار، وأوصل الكثير منهم إلى مناصب في مؤسسات الدولة، زرع رجاله في عدد من المواقع، حاور الإسلاميين واليساريين، لكنه ظل وفيا «للخصوصية المغربية» في الحكم: مظهر ديمقراطي وجوهر مخزني سلطوي... خرج الهمة من رأس السلطة، لكن أحدا لم يقرأ هذا الخروج على أساس أنه مراجعة شاملة لاختيارات الدولة، فقط هناك خروج لواحد من رجالات المملكة الأقوياء ودخول آخرين، وتستمر اللعبة... توفيق بوعشرين.

Aucun commentaire: